عقدت النية منذ كتابة المقال
الأول من مقالات الدعم النفسي أن أتناول مواضيع كثيرة يحتاجها المريض أثناء رحلته
مع الروماتويد، كنت أهدف لإعداد مريض مثقف منصف يعرف الذي له والذي عليه.
في السلسلة الأولى التي تم
نشرها في منتدى الدكتور حاتم العيشي أواخر عام 2020م تم الحديث عن مواضيع عدة كانت
لمصلحة المريض، أي طرحت عناوين خاطبت فيها الطبيب المعالج والأسرة والمجتمع بضرورة
الاهتمام بالمريض واحترامه وتقدير ظروفه المرضية.
اليوم أتحدث عن موضوع ترددت
كثيراً قبل كتابته خوفاً أن أتسبب دون قصد بألم نفسي للمريض، لكن سرعان ما اطمئن
قلبي لطرح الموضوع، أولاً لأني أنا شخصياً أعاني من آلام الروماتويد، ثانياً لأن
أعضاء المنتدى يمتلكون فكراً متقدماً لفهم قانون الحياة القائم على الأخذ والعطاء.
يعيش مريض الروماتويد مع أسرته
في بيت واحد، أغلب بيوتنا ولله الحمد يسودها الحب والتفاهم، إلا أنه بسبب ضغوط
الحياة قد ينتاب الأسرة أحياناً بعض المشكلات العابرة التي بالإمكان حلها قبل أن
تتطور وتتأزم، وبالتالي يؤثر الضغط النفسي على جو البيت الذي ينبغي أن يسوده الفرح
والفرفشة والعمل المشترك الذي يؤلف بين أفراد الأسرة.
عزيزي مريض الروماتويد: أعلم
مدى الألم الكبير الذي تعانيه، والحالة النفسية التي تعترضك بين الفترة والأخرى
بسبب شدة الألم، لكن أرجوك لا تؤثر نفسيتك على أفراد أسرتك، هم يسعون إلى راحتك
ومساعدتك في أداء ما تحتاجه، فاحرض أنت على راحتهم النفسية، من حقك أن تعلمهم أنك
تعاني من شدة الألم، لكن لا تجعل ذلك طيلة الوقت، فهم لا يملكون لك شيئاً، الشافي
هو الله.
عندما تجتمعون على مائدة واحدة
اطرح مواضيع جميلة تأنس لها النفوس، لاطفهم، أعرب عن امتنانك لمساعدتهم لك، افرح
لمناسباتهم السعيدة وشاركهم بها، هذا من حقهم عليك.
بوصفي مريضة روماتويد أعلم أن
هناك أشياء كثيرة في الحياة وددنا أن نصل إليها ولم نصل، هذه حكمة الله التي
اختارها لنا، لا ذنب لأسرنا بالظروف المؤلمة التي امتحننا الله بها اختباراً
لإيماننا.
أفراد أسرنا لديهم امتحانات
قاسية من نوع آخر، لسنا وحدنا في الاختبار، لنجتهد دون حساسية أن لا نعكر صفو
حياتهم، لكن أتمنى أن يتم ذلك دون أن نجلد أنفسنا، أي نشعر أننا عبء على الآخرين،
لا ليس هذا ما أردت، نحن نشكل دوراً كبيراً في الحياة، لا أقول هذا الكلام جبراً
لقلوب منكسرة، إنما أتكلم واقعاً نراه كل يوم لأناس امتحنهم الله بالمرض وأبدعوا
في مجالات متعددة، أثبتوا للعالم أن المرض كان سبب تميزهم.
اعذروني إن افتقرت كلماتي في
هذا المقال إلى اللين، لكن أحب أن نرتقي معاً إلى القمة، ونمتن لكل من وقف إلى
جانبنا أثناء رحلتنا مع المرض، الأسرة، الأطباء، الأصدقاء.
مدام منى عضوة في المنتدى،
مصرية الجنسية، أصبحنا صديقات أنا وهي، جذبني لشخصيتها الجميلة حبها للحياة
ومصاحبتها لأولادها، رغم ظروفها الصحية تواكب أولادها، يذهبون للبحر معاً، يصنعون
المستقبل المضيء بحبهم للحياة وتفاعلهم معها، فتحية للذين يتحدون أمراضهم ويضيفون
للحياة لمسة جميلة تسعد من حولهم.